عماد حمدى مدير المنتديات
عدد المساهمات : 421 تاريخ التسجيل : 23/09/2011 العمر : 59
| موضوع: سُلطان العلم فوق المُلك / د.محمد عمارة السبت فبراير 04, 2012 1:58 pm | |
| في الثورةِ على دولةِ بني أميّة، كان هناك تيار عروبي، يقوده أبو سلمة حفص بن سليمان – الهمدانى ( 133هـ 750م).. ولقد رشح هذا التيار – إبان الثورة – محمد بن عبد الله بن الحسن – النفس الزكيّة – (93-145هـ 713-762م) ليكون خليفة للدولة الجديدة..
وقدمه عمرو بن عبيد (80-144هـ 699-761م) فقال: " أيها الناس، إنّنا قد نظرنا، فوجدنا رجلاً له دينٌ، وعقلٌ، ومروءةٌ، ومعدن للخلافة، فأردنا أن نجتمع معه فنبايعه، ثم نظهر أمرَنا معه، وندعو الناسَ إليه، فمن بايعه كنّا معه، من اعتزلنا كففنا عنه، ومن نصب لنا جاهدناه ونصبنا له على بغيه، ونرده إلى الحق وأهله".. وكان أبو جعفر المنصور (95-158هـ 714-775م) تلميذًا لعمرو بن عبيد؛ فبايع مع أستاذه للنفس الزكية.
وكان فى الثورة ضد بني أميّة تيارٌ آخرُ شَعوبيٌ ، يقوده أبو مسلم الخراساني (137هـ 754م) عارض التيار العروبى والنفس الزكية، واغتال وانحرف بالخلافة الجديدة عن التيار العروبى العلوى إلى التيار العباسى، وبايع لأبى العباس السفاح(104-136هـ 722-754م).. ولقد نقض أبو جعفر المنصور بيعته للنفس الزكيّة، وتولى الخلافة العباسية بعد أخيه أبو العباس السفاح!.. ومن هنا جاءت الجفوة بين عمرو بن عبيد – ومعه التيار العلوى العروبي – وبين تلميذه أبي جعفر المنصور، والخلافة العباسية، التى سيطر عليها الشعوبيون، واستمرت سيطرتهم عليها حتى نكبة البرامكة التى حرر هارون الرشيد (149-193هـ 766-809م) الخلافة العباسية من سيطرة الشعوبيين!..
ولقد حاول أبو جعفر المنصور – وهو المؤسس الحقيقى للدولة العباسية – أن يصالح أستاذه عمرو بن عبيد، وأن يدعوه – هو وأصحابه – للاشتراك فى جهاز الدولة – القضاء والولايات – ولكن الثائر الزاهد الفيلسوف عمرو بن عبيد، رفض دعوة المنصور، مشترطًا لتلبيتها تحرير الدولة من الشعوبيين – الذين كان يسميهم "الشياطين"!..
وفى نهاية اللقاء الوحيد الذى تم بين المنصور وبين أستاذه عمرو بن عبيد.. وبعد حوار طويل، رفض فيه عمرو بن عبيد الاستجابة لطلب الخلفية.. أمر المنصور لأستاذه بعشرة آلاف دينار؛ فقال عمرو بن عبيد: لا حاجة لى فيها. فأقسم الخليفة: والله لتأخذنها. فقال عمرو: "لا والله لا آخذها، فقال أحد الحضور لعمرو بن عبيد – مستنكرًا: يحلف أمير المؤمنين، وتحلف أنت؟!.. فتساءل عمرو بن عبيد عن هذا المتكلم.. فقال ألبسته لباسًا ما هو من لباس الأبرار، ولقد سميته باسم ما استحقه عملا، ولقد مهدت له أمرا أمتع ما يكون به، وأشغل ما يكون عنه!. ثم التفت عمرو بن عبيد إلى ولى العهد وقال له: نعم، يا ابن أخى، إذا حلف أبوك أحنث عمك، لأن أباك أقوى على كفارات اليمين من عمّك!.
وعندما هم عمرو بن عبيد بالانصراف، سأله الخليفة: هل لك حاجة؟ فقال له نعم، لا تبعث إلىّ حتى أجيئك !. فقال له المنصور: إذن لا تلقنى أبدًا:. فقال له عمرو: هذه هى حاجتى!. فودعه المنصور – وهو ينظر إلى حاشيته – وينشد: كلكم يمشى رويدا.. كلكم يطلب صيداً غير عمرو بن عبيد!- فكانت شهادة السلطان على جعل سلطنة العلم فوق السلطان!؟ | |
|