تأمينات الاجتماعية وحقول الألغام المدمرة(3 ــ3)
حتميات إلغاء القانون الفاسد الكارثي... وضرورات الإصلاح الجذري للنظام التأميني
بقلم: أسامة غيث
399
في زمن الفساد الكبير وحكم التشكيل العصابي الإجرامي للعهد البائد التزمت معايير الاختيار للمناصب العليا بأن يتم تعيين الأردأ والأسوأ والأفسد حتي يضمن الطاغوت الأكبر الولاء التام والطاعة العمياء.
لتنفيذ مخطط النهب والسرقة واللصوصية الذي يتوالي يوما بعد يوم منذ ثورة25 يناير الكشف عن تفصيلاته البشعة ودقائقه المروعة, ومن ضمنها ما تسعي هذه السلسلة من المقالات لرصده وتحليله, فيما يخص أموال التأمينات الاجتماعية وما لحقها من اغتصاب وتحايل وتلاعب بصور شديدة الابتذال والوقاحة, والمثير للدهشة والاستغراب يرتبط بجرأة الفلول للاعتراض علي استخدام الاوصاف الدالة علي حقيقة القائمين بممارسات الخيانة العظمي في مصر أم الدنيا من قاموا بتجريف ثرواتها وإذلال شعبها وتقزيم دورها وتكسير عظامها, وكأن وقاحة الفلول لا ترتضي بديلا عن وصف هؤلاء العملاء الخونة بالعفة والنزاهة والشرف, وهي الصفات التي كانوا يطلقونها عليهم عندما كانت الفلول تمسك بزمام الأمور, وتتحكم في مصائر العباد والبلاد, وكأن العمي القسري وصفات الغفلة والبلادة فرض عين علي مصر والمصريين, وخلال الأيام الماضية كنت افتش أوراقي, فوجدت بعضا منها الذي يؤكد أن الاستهزاء بالقانون والمؤسسات والنظام العام قد استفحل واستشري بفظاظة, وفجور, ولكنه عجز عن التغلغل للقلة القليلة الصامدة والمرابطة حيث فجر نائبان بمجلس الشعب قنبلة من العيار الثقيل تفضح جبال الفساد العفن القابض علي روح مصر بطلبهما الكشف عن حقيقة ما يثار حول أموال بالغة الضخامة لا تخضع للمساءلة والحساب قيمتها تريليون و373 مليون جنيه لا يعرف أحد أين ذهبت, ولا كيف صرفت, ولا من حصل عليها, وكأن خزائن مصر خرابة مستباحة لكل اللصوص ولجميع الافاقين.
وقد تمت المناقشة تحت قبة البرلمان المختطف رهينة في وكر الأفاعي في الجلسة المسائية لمجلس الشعب يوم الاثنين 22-3-2010 اثناء مناقشة الحساب الختامي للميزانية العامة للدولة للعام المالي 2008/2009بإبداء النائب أشرف بدر الدين استنكاره لاهمال تقرير لجنة الخطة والموازنة بالمجلس حول الحساب الختامي الحديث عن هذه الأموال شديدة الضخامة التي تخص أعمال الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص, ودخل طرف في المناقشة النائب الدكتور حمدي حسن الأمين العام للكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين الذي طلب من رئيس مجلس الشعب, ومن رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات أن يقدما ردا لأن الموضوع لا يتعلق بالملاليم, بل يتعلق بآلاف المليارات من الجنيهات, وجاء الرد الوحيد من يوسف بطرس غالي وزير المالية الخائن الجاسوس ركن التشكيل العصابي القوي ساخرا لن يرد عليك أحد.. تحدث براحتك وبهذا السلوك الصفيق كان يتم التعليق علي أموال منهوبة تتعدي قيمتها الناتج المحلي الاجمالي لمصر, ويصل إلي14 ضعف عجز الموازنة العامة, ويبلغ اربعة أضعاف الانفاق العام للدولة, ومع ذلك يعامل من يتحدث عنه باستخفاف واستهزاء وصفافة لا حدود لها, وكأن سيدنا يوسف لم يحدد مواصفات وزير مالية مصر عندما ذهب للفرعون يعرض عليه مؤهلاته لتولي المسئولية عن خزائن الأرض قائلا إني حفيظ عليم وما حددته أبنتا سيدنا شعيب في تزكية سيدنا موسي للعمل لدي أبيهما بقولهما إن خير ما استأجرت القوي الأمين فتحول الأمر مع الزمن الأخير لأن يتولي خزائن الأرض القشاش اللئيم صاحب الرصيد الموثق في العمالة للمخطط الصهيوني الغربي الماسوني هو وسيده الطاغوت الاكبر العلامة المسجلة للاستبداد والفساد والعمالة.
المناخ التشريعي الموبوء وقوانين الأيدز الاقتصادي والاجتماعي
في ظل هذا المناخ الخانق الموبوء كان من الطبيعي أن تكون كلمة الفساد هي العليا, وأن يصدر قانون التأمينات الاجتماعية الجديد من هذه السلطة التشريعية التي تتحكم فيها أغلبية حزبية إجرامية, وأن يتلذذ سدنة الهيكل الإجرامي بأن يضرب المعارضون رؤوسهم في حائط اليأس والقنوط, وهذا ما حدث بالضبط معي شخصيا, حيث بدأت في نشر سلسلة من المقالات تحت عنوان أصحاب المعاشات في عين العاصفة المدمرة كان يفترض أن تتضمن ثلاثة مقالات لتحليل جريمة الخيانة العظمي التي يتم تدبيرها للانقضاض علي نظام التأمين الاجتماعي, وتخريبه ونشرت المقالة الأولي, وأثارت عاصفة غضبت من طغيان النظام البائد, وانتزعت المقالة الثانية من الطبعة الأولي للأهرام, ومنعت الثالثة منعا باتا, وقام الوزير اللص الجاسوس بتحريك الطابور الخامس لنشر صفحتين كاملتين بتعليمات رئيس تحرير العهد الظلامي لتجميل مشروع التأمينات والمعاشات بالمغالطة والغش وقام التشكيل العصابي الإجرامي الصحفي بوضع أسماء صحفيين بالقسم الاقتصادي بغير علمهم, وبدون إرادتهم للإيهام بأنها موضوعات تحريرية نشرت يوم الثلاثاء الموافق 27/4/2010وكان من بين هؤلاء الزميل أحمد عبد المقصود الذي أعلن رفضه واستنكاره للاستهانة بالقيم والتقاليد الصحفية في مذكرة قال فيها إنه تم الزج بأسمه كمحلل لإعلان مدفوع الأجر لتحليل مشروع التأمينات والمعاشات الجديد, وأن ذلك قد تم دون مراعاة للأمانة المهنية واحترام الكلمة وكاتبها والصحيفة, وقارئها مع استباحة كل الأعراف والتقاليد والتضحية بأسماء الصحفيين إرضاء للعميل ـ أقصد الوزير ـ حيث تم الزج باسمي في إعلان نسجت خيوطه بشباك النفاق لقانون مازال معارضوه أكثر من مؤيديه, وأربأ بنفسي وبأسمي عن المشاركة في هدر دم الكلمة علي مذبح الإعلان),
وهذه المواقف وغيرها تثبت دائما أن مصر لا تخلو أبدا من هؤلاء الذين يملكون القدرة علي أن يقولوا لا وألف لا في مواجهة جبروت, وعسف الاستبداد, وعدم الخوف من مقاصله وسجونه وملاحقاته البشعة وللأمانة والتاريخ فقد قام الزميل جابر القرموطي صاحب برنامج مانشيت باستضافتي للحديث عن القضية والمقال الممنوع من النشر, كما قام الزميل محمود الضبع من جريدة صوت الأمة بنشر المقال, وإجراء حوار معي, ودخل علي الخط مجدي الجلاد رئيس تحرير المصري اليوم الذي يملأ الدنيا صخبا وضجيجا باعتباره من قادة الثوار ليعرض علي كتابة المقال الثالث, ونشر السلسلة الكاملة في المصري اليوم مع تعهده بنشر موضوع تحليلي مني لشرح ملابسات القضية, وكأنه يشارك في جريمة اخراجي العمد من المعركة بتسويفه ومماطلته في النشر وتدخلت مافيا الجريمة المنظمة, وقام صلاح دياب صاحب المصري اليوم بإجراء حديث لا مبرر له مع الأهرام يدافع فيه عن نفسه ويهاجم خصومه نشر علي مساحة كبيرة بالصفحات الداخلية, ونشرت اشارة للحديث في الصفحة الأولي كعربون مودة ومحبة, وتعبيرا عن قدرة المافيا علي محاصرة ومطاردة من يتجرأ عليها حتي بالرأي والكلمة, وهو ما أكد في عقلي ووجداني أن الكلمة نار والكلمة نور, وأن الكلمة كما قال عبد الرحمن الشرقاوي في الحسين شهيدا هي فرقان بين نبي وبغي.
وبالرغم من فقداني الثقة بشكل كامل وبات في حكومة الدكتور عصام شرف مع الغياب التام للأمل في قدرة وتوجهات الدكتور علي السلمي نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية السياسية ووزير قطاع الأعمال, وكذلك الدكتور حازم الببلاوي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية وتعارضها مع مقتضيات التصحيح والتصويب للقضايا الحيوية والمحورية, فإن الإيمان المستقر بقدرة الثورة والثوار, وهم جموع الشعب المصري علي فرض التغيير وتصويب البوصلة لاعادتها من الوضع الخاطيء للوضع الصحيح يبقي هو طاقة النور الوحيدة التي يرتكز عليها أهل الرأي والفكر في دعوتهم لإلغاء قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات قبل أن يدخل حيز التنفيذ الفعلي في 1/1/2011 أي بعد أقل من شهرين من الزمن ويتحول الي كارثة اجتماعية ووصمة عار في جبين الدولة والمجتمع بحكم أن عدم الغائه يعني أن الأصولية الرأسمالية وقوي الرأسمالية المتوحشة مازلت تغوص بمخالبها الحادة والمميتة في الجسد المصري ومازالت ترتع بين جنباته بخيلاء وكأن ثورة25 يناير كانت مجرد سحابة صيف عابرة.
القانون سيئ السمعة والقصد وتمزيق شبكة الامان الاجتماعي
لا يمكن علي الاطلاق السماح بتطبيق قانون يهدم شبكة الأمان الاجتماعي ويخل بألف باء العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم الذي هو أساس مشروعية الحكم وركيزة شرعية الحاكم ويستحيل ان يسمح بتنفيذ تشريع ولد في ظلام الهوي والغرض أصدره وزير أوهمه جبروته وخلله العقلي والنفسي انه أقوي من الشعب الذي هو مصدر السلطات جميعا وتخيل انه أعلي من الدستور وفوقه وبلغ به الشطط والهوس الجنوني انه اعتقد باليقين الراسخ قدرته علي الاستهزاء بقواعد القانون والنظام العام, والأكثر خطورة انه امتلك أدوات الواقع التي تحمي مسيرته الحاقدة المريضة بسطوته علي الإعلام وإدراكه انه يمسك برقبة الصحافة ويملك بنفوذ التشكيل العصابي الاجرامي ان يصيب الرأي المعارض بالشلل وكأنه قادر علي ان يفقد الصحافة القدرة علي الرؤية والنطق والحركة حتي يجلس علي عرش في الاعالي مادام المجتمع غارقا في مستنقع الأوهام والأكاذيب والخيالات المريضة ولكن هذا الطوفان الجارف الغاشم لم يمنع بعض أبناء أم الدنيا الذين هم في رباط الي يوم الدين من المواجهة والتعرض لنيران العدو الكثيفة وكان في مقدمتهم السفيرة مرفت التلاوي وزيرة التأمينات الاجتماعية السابقة والدكتور محمد عطية سالم وكيل أول وزارة التأمينات السابق وغيرهما من الكتاب والمفكرين والأكاديميين وواجهوا بصبر عنت الاستخفاف والاستهزاء التي حمل لواءها القبيح المنفر مستشار الوزير المسمي معيط بما استحله من اعتداء فج علي الحقائق والعلم والمنطق لتمرير بضاعة شديدة الفساد كريهة الرائحة قبيحة الشكل والمعني.
وبعيدا عن سلسلة الادعاءات والأكاذيب وترسانة الأحاديث المغلوطة والملوثة التي قيلت لتبرير القانون الفاسد فإن الخبرات العالمية في الدول الصناعية الكبري وفي الدول النامية تؤكد ان الغاء نظام التأمينات القائم علي مفهوم اجتماعي ونظام جماعي ومسئوليته عن الاخطار جماعية والانتقال لنظام قائم علي الحسابات المالية الشخصية فقط لا غير كما هو الحال في القانون الجديد يتسبب في اهدار ركائز نظام التأمين الاجتماعي القائمة في كل العالم ولايستدله بنظام آخر ثبتت صلاحيته في التطبيق والتجريب تحت ستار الخصخصة ودعاويها وفقا لما يلي:
1ـ أن الدعوة لتعديل نظام التأمين الاجتماعي ارتبط اساسا ببزوغ الفجر الكاذب للأصولية الرأسمالية في ثمانينيات القرن العشرين وانطلاق فكر اليمين المحافظ الانجلوسكسوني تحت رايات التاتشرية والريجانية حيث تحكم في مصير العالم فكر اصولي اقتصادي يرفض رفضا باتا وقاطعا كل ما أنجزته الرأسمالية الحديثة من بنيان تشريعي ومؤسسي يستهدف ترسيح الابعاد الاجتماعية والانسانية للتنمية والنمو بالسعي لمراعاة الأقل دخلا والأقل قدرة حفاظا علي الاستقرار وتجنبا للفوضي والقلاقل, كان أحد الحصون المنيعة التي عجزت الاصولية الرأسمالية من دك قلاعها حصن التأمينات الاجتماعية وحقوق أصحاب المعاشات في ظل موجة من الرفض الشعبي القاطع والغاضب, وعلي امتداد ثماني سنوات تشكل فترتي الرئاسة الأمريكية لجورج بوش الابن سعي خلالها الفريق الحاكم صاحب الايديولوجية الاصولية المسيحية الصهيونية وصاحب الأغلبية في السلطة التشريعية الكونجرس أن ينقض علي المزايا الثابتة الاساسية لأصحاب المعاشات ويستبدلها بنظام الحسابات الشخصية المالية عن طريق الاشتراكات المحدودة, فقط لا غير دون الالتزام القاطع والصريح بمزايا محددة وكانت النتيجة فشلا تاما وذريعا وبقي نظام التأمين الاجتماعي علي ما هو عليه في أمريكا كما بقي في بريطانيا وغيرهما من الدول الصناعية الكبري, وتحرك فقط مؤخرا سن الاحالة للمعاش كما تراجعت المزايا مع كارثة افلاس اليونان.
مؤامرة خصصة التأمين الاجتماعي والاستيلاء علي امواله
2ـ وعلي الرغم من الفشل المروع في خصخصة نظام التأمين الاجتماعي بالدول الغنية الا ان اليمين المحافظ الأمريكي أصر علي تصدير بضاعته الفاسدة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا الي الدول النامية ووضعها كأحد بنود روشتة الاصلاح ونجح في الضغط علي عدد من دول امريكا اللاتينية لتنفيذها وكان في مقدمتها دولة شيلي التي طبقت روشتات الإصلاح اليمينية المحافظة بالحرف الواحد ودفعت الثمن الغالي لهذا التطبيق المتهور خاصة فيما يتعلق بنظام التأمين الاجتماعي للمواطنين الذي توسع أول ما توسع في استثمار أموال التأمينات عن طريق الشركات الخاصة في استثمارات ترتفع درجة المخاطرة بالنسبة لها من خلال البورصات والمشتقات المالية الحديثة وارتبطت العقدة الرئيسية بارتفاع تكلفة استثمار وإدارة هذه الاصول بصورة عالية للغاية استوعبت جانبا رئيسيا من الارباح والعوائد, ووصلت الي أرقام فلكية تبلغ نحو19% من قيمة الأموال المستثمرة مما حول خصخصة نظام التأمينات الاجتماعية الي عبء ثقيل علي اصحاب الاشتراكات وعرض المزايا الممنوحة لهم عند التقاعد للتقلص والانخفاض, في حين ان المصاريف الادارية للنظام في امريكا تبلغ1% فقط لاغير من قيمة الاشتراكات المحصلة سنويا وقد افرز التطبيق نتائج مروعة حيث أدي إلي أن نصف قوة العمل في شيلي بعد أكثر من عشر سنوات من التطبيق إما لم تشترك أصلا في النظام وان التراكمات المالية في حساباته الشخصية لم تحقق حجم المدخرات الكافي لتوفير مزايا ملائمة ومعقولة غير التقاعد وكان ذلك أحد الاسباب الرئيسية لفشل الأحزاب اليمينية المحافظة في الانتخابات العامة واقبال المواطنين علي التصويت للاحزاب اليسارية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية من بينها وهو ما حدث بالفعل عام2006 وترتب عليه العودة لنظام التأمين الاجتماعي التقليدي.
3ـ ولا يمكن الإبقاء علي قانون ثبت عجزه عن حل مختلف المشكلات وثابت تعقيده للمشكلات القائمة, حيث لا يقتصر عجزه علي الجانب المرتبط بالمواطن,ولكنه عجز يمتد إلي الجانب المرتبط بأعباء ومسئوليات الخزانة العامة للدولة في ظل نظام التأمين الاجتماعي والمعاشات القائم حاليا والمستمر حتي خروج المستفيد الاخير منه الي التقاعد واغلاقه علي المتمتعين به وامتداد ذلك الي الداخلين الجدد لسوق العمل حتي نهاية عام2011, بخضعوهم لقواعده وحساباته وهو ما يعني في المتوسط بقاء النظام الحالي حتي عام2050, وتحمل الخزانة العامة الأعباء والمزايا حتي عام2060 علي الأقل لأصحاب المعاشات وحتي عام2080 للمستحقين عنهم من الورثة وهو مدي زمني غريب ومريب في طوله وامتداده.
>>>
وفي ظل تناقض الاوضاع المصرية تماما وبصورة حادة مع اوضاع العمالة والتشغيل في الدول المتقدمة بما يجعل رفع سن المعاش الي65 سنة قنبلة موقوتة مدمرة ليس فقط للاوضاع الاقتصادية ولكن لمجمل الاوضاع الاجتماعية والانسانية لقوة العمل في مصر خاصة وإن التركيبة السكانية تتسم بأنها شابة ونسبة الشباب أقل من سن25 سنة مرتفعة للغاية ونسبة السكان حتي سن35 سنة بالغة الارتفاع, وعلي الرغم من ارتفاع متوسطات العمر النسبية الا أن نسبة كبار السن الي مجموع السكان مازالت منخفضة مع بقاء ظاهرة الارتفاع النسبي لمعدلات الزيادة في عدد المواليد, وفي ظل هذه التركيبة السكانية الشابة فإن هناك معدلات بطالة مرتفعة للغاية خاصة بين الشباب, وهناك تركز حاد للبطالة بين خريجي الجامعات والحاصلين علي مؤهلات متوسطة وفوق المتوسطة, ووصل الحال وفقا للمؤشرات الاخيرة المعلنة من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء الي اتساع نطاق البطالة بين حملة الماجستير والدكتوراه مما يجعل مجرد التفكير في رفع سن المعاش من60 سنة الي65 سنة جريمة اقتصادية واجتماعية وسياسية كبري لا تتحملها الدولة.
وجريمة حرمان الشباب من فرص العمل تعد بذلك قمة من قمم المخطط الاجرامي لهدم مصر لانها تتسبب في تكسير عظام المجتمع والافراد حيث تؤدي الي تفكيك اوصال المجتمع والقضاء التام علي فرص العمل المتاحة للشباب في انحياز غريب ومريب لاصحاب السن الأعلي والاكبر ويكشف ذلك ذلك عن ان ركيزة الحساب الاكتواري لمشروع القانون المرتبطة برفع سن المعاش تندرج تحت بند( الخطأ الفادح) وتصل الي حتمية اثارة الشك والريبة في القانون واغراضه بحكم عدم معقولية تحقيقها وعدم معقولية فرضها علي قطاع الاعمال, وهو ما يعني في النهاية أن رفع سن الاستحقاق الكامل للمعاش الي سن الخامسة والستين ورفع مدة الاشتراك التأميني الي40 سنة ما هي الا افتراضات مغلوطة وخاطئة تتسبب عند التطبيق الواقعي والفعلي في المزيد من الاهدار لحقوق المؤمن عليهم وتعرضهم لضياع حقوقهم التأمينية, وهو ما يعني من الأول والآخر أن الابقاء علي القانون الحالي يشكل كارثة بكل المعايير والمقاييس تدين كل من يشارك فيها او يصمت عليها ويسكت؟!