عماد حمدى مدير المنتديات
عدد المساهمات : 421 تاريخ التسجيل : 23/09/2011 العمر : 59
| موضوع: مناهج البحث الاثنوأركيولوجي الميدانية وطرقه الجمعة أكتوبر 28, 2011 1:30 pm | |
| مناهج البحث الاثنوأركيولوجي الميدانية وطرقه
إيان هودر
ترجمة أ.د. أسامة عبدالرحمن النور
يناير 2005
ملحوظة: حاولت في تعريب هذا الجزء إدخال أمثلة تدليلية من واقع الخبرة الذاتية المتراكمة من أعمال ميدانية قمت بتنفيذها (أسامة النور)
كان ستيلس Stiles, 1977 قد عدد مصادر المعطيات الاثنوغرافية العالمية المنشورة، لكن وبما أننا عرفنا الاثنوأركيولوجيا بصورة أضيق من كونها الاستخدام العام للتناظر الاثنوغرافي، كدراسة ميدانية، فإننا سنتعرض حالياً فقط لمناهج العمل الميداني.
احتمالاً أن تكون المعضلة الأكبر التي تعترض أي باحث اثنوأركيولوجي يعمل في مجتمع معاصر هو أن ما يفعله الناس قد يكون قليل الارتباط بما يقولونه. على سبيل المثال، عندما قام معرب هذا الكتاب بعمل ميداني في منطقة جبال النوبا بجنوب غرب كردفان (السودان) قيل لي بأن الأواني المصنوعة من الصلصال المستخدمة في المنازل بلغ عمرها ما يناهز الثمانين سنة. لكنني ومن خلال التحدث مع الفخاريين العاملين في المنطقة ومتابعتي لمعدلات فاقد الأواني خلال استخدامها اليومي، اتضح لي أنه نادراً ما تبقى آنية فخارية لما يزيد عن الثمان سنوات. كذلك أفادني بعض المخبرين بأن مجموعة من الجرار جاءت من مصدر معين. بعد قياس الجرار أصبح من الواضح أن هذه المعلومة غير صحيحة إطلاقا .
يحتمل أن يكون الموضوع الذي تعرض لمناقشات أكثر بشأن فقدان الارتباط بين المعلومة الشفهية والسلوك الفعلي هو مسألة "النوع". هل أصناف الأدوات الصنعية وأنواعها التي يتعرف عليها عالم الآثار هي من صميم خياله، أو أنها تتوافق مع التصنيف "المحلي"؟ توجد الآن كميات كبيرة من الأمثلة التي توضح أن الأصناف الآثارية والمحلية لا تتطابق. على سبيل المثال، أن التقسيم الآثاري المبدئي للأدوات الصنعية الحجرية إلى نواة وشظايا لم يضعه السكان المحليون في جبال النوبا حيث أجريت عملي الميداني. لدى دراسة المحتوى الثقافي والأساس الأيديولوجي لتنميط الثقافة المادية، فإننا نختبر السلوك الذي له معنى والذي لا يوجد تعبير له في مستوى لفظي محدد. ما هي أسباب ذلك؟
هنالك سلسلة واسعة من العوامل التي يمكن أن تسبب انفصاماً بين ما يفعله الناس وما يقولونه. أحد الأسباب هو وجود اختلاف بين المعرفتين اللفظية وغير الاستطرادية. على سبيل المثال، نعرف كيف نتكلم دون أن نكون قادرين على تفسير قوانين اللغة النحوية. هكذا، فإنه وفي مجال الثقافة المادية، قد نعرف ما علينا فعله حتى وإن لم نك قادرين على تفسير ذلك لفظياً. يبدو أن هذا هو الحال في مجتمعاتنا المعاصرة حيث أن ما يقوله الناس عن الثقافة المادية لا يتسم بعمق التفكير بمقارنته مع وجهات نظرهم بشأن الدين، والجنس، والسياسة وما إلى ذلك. المادة، معرفة يومية ليست ولا يجب أن تكون مجالاً للمعرفة الاستطرادية.
في بعض الحالات يمكن استخدام هذا المعنى غير القابل للنقاش و المسكوت عنه للأشياء المادية إستراتيجيا في العلاقات الاجتماعية. على سبيل المثال، يمكن للنساء أن يقدمن إفادات دقيقة وفعالة عن وضعهن الاجتماعي باستخدام الأدوات الصنعية اليومية التي لا تناقش بوعي ويتحكم في تنظيمها الذكور من أعضاء المجتمع. لكن يصعب التعميم. في مجتمعات أخرى، المعرفة الحقيقية بمعنى الأشياء وتوزيعها الفراغي في مواقع الإقامة يمكن التحكم فيه من قبل أقلية نخبوية. هذه المجموعة السائدة يمكن أن تحافظ على وضعها جزئياً بحبس معرفة الكيفية التي ينظم بها العالم ويمكن لأعضاء تلك المجموعة أن يضللوا الآخرين. كيف سيكون صعباً، في مثل هذه الحالة، للباحث الاثنوأركيولوجي اختراق العلاقة بين ما يقال وما يفعل.
الكثير من التشويش يمكن أن ينتج، على كلٍ، عن الكذب البسيط والمباشر حيث يسعى المخبر لتحقيق مكسب مباشر من الباحث. على سبيل المثال، في المثال الذي سقته عن عملي الميداني في جبال النوبا، يحتمل أن عمر الأواني الفخارية قد تمت المبالغة في امتداده لكون المخبرين اعتقدوا بأنني أريد شراء بعض الأواني (انطلاقاً من احتمال أن يكون باحثين سابقين قد فعلوا ذلك). أصبح مهماً بالنسبة ليَّ أن أصبح معروفاً في المنطقة بوصفي شخصاً لا يفكر في الشراء. أسباب أخرى للتضليل المتعمد عديدة للغاية وتشمل احتمال أن يكون الباحث غير ملائم إما من حيث الجنس أو السن، أو أن يكون سكان المنطقة قد فقدوا الثقة في الأجانب من خارج منطقتهم لسوء سلوكيات ميز الأخيرين، أو أن يكون بعض الدعاة الدينيين قد شجعوا تنمية شعور بالذنب فيما يتعلق بالنشاطات التقليدية، أو أن يكون الباحث الاثنوأركيولوجي، الذي يرغب في دراسة الجرار والفضلات، أو المترجم المرافق له (في حالة عدم معرفة الباحث باللغة المحلية)، في نظر السكان مغفلاً وبالتالي لا يستحق الاهتمام.
سبب آخر لعدم التوافق بين ما يمكن رؤيته وسماعه قد ينتج بفعل مشكلة الفهم. غض النظر عما إذا كان الباحث يحاول تعلم اللغة المحلية أو يستعين بمترجم، فإن هاوية سوء الفهم تبقى. في الحقيقة، فإن المخبر مهما صفت نيته قد يكون غير قادر على فهم الأسئلة التي تطرح عليه والتجاوب معها.
وجود الباحث في حد ذاته، والذي سيعد بمثابة ضيف على الجماعة، قد يعنى أن الناس سيتصرفون بطريقة مختلفة بحيث أن ما يقولونه وما يفعلونه قد يختلف عن ما يلاحظ. االشخص الغريب (الضيف) دائماً ما يغير الوضع الذي تجرى ملاحظته. لاحظت خلال عملي الميداني في العديد من مناطق السودان المختلفة وكذلك في محافظة أبين باليمن أن طريقة تقديم الطعام بوجودي ضيفاً في المنزل، تختلف عن الطريقة المعتادة في المنزل في الظروف الطبيعية اليومية.
آخذين حقيقة أن اللفظي وغير اللفظي لا يتطابقان عادة، وأن درجة التطابق تتفاوت وفق الثقافة والمحتوى، علينا اختبار النماذج التي تربط المثالي والواقعي مع بعضهما. قدم يلين Yellen,1977 مثالاً من عمله وسط !الكونج من السان (البوشمن). في الممارسة يتنقل أفراد !الكونج كثيراً وتنظم العلاقات الاجتماعية بطريقة غير ثابتة، لكن !الكونج يرون نفسهم سلسلة من المجموعات غير الثابتة التحديد إقليمياً. يقترح يلين (المرجع السابق 48-9) نموذجاً يكون فيه هذان الجانبان المتناقضان جزءاً من نظام واحد. يوفر النموذج الشكلي للعصبة الإقليمية إطارا ذهنياً لتثبيت وتبرير المسارات المتنوعة لأفعال الفرد وللتكهن بصورة غير محكمة بما سيفعله الآخرون. لكن في بيئة !الكونج توجد حاجة إلى القدرة على التكيف السريع والمرونة. عليه، مع مرور الوقت، توجد ممارسة للتغيرات الفردية و التحركات بهدف إعادة تركيب الخارطة الديموغرافية.
في الفصول القادمة، سنعطى أمثلة أخرى للطريقة البنيوية التي يمكن من خلالها للمثالي والممارسة ألا يتطابقان. لكن، كما أثبت بلوخ Bloch,1971 في تحليله للمركب المثالي للدفن في مدغشقر والذي يتناقض مع ممارسة الحياة اليومية، لا يكون صحيحاً الافتراض بأن العالم المادي هو أكثر أو أقل "واقعية" من اللا مادي. الجانبان منظمان في علاقتهما المشتركة، بوصفها مركبان مكملان في الوحدة الثقافية.
آخذين في الحسبان "المشكلة" المعممة بأن المعلومة المنطوقة قد لا تتطابق مع المعلومة الملاحظة، لأي سبب من الأسباب، اقترح بعض علماء الآثار "حلاً" محدداً سبق أن ذكرناه في نهاية الفصل السابق. تحل المشكلة إذا قبلنا موقف جوولد المادي. يلاحظ وبست Wobst,1978 أن الاثنوغرافيا تشمل دراسة السلوك المسجل، في حين يدرس علماء الآثار السلوك الفعلي. وجهة نظر أشد تطرفاً اقترحها شيفر Schiffer,1978:235 بأن عالم الاثنوأركيولوجيا في وضع معاش يؤثر على السلوك ويغيره. كلما بقى الباحث الاثنوأركيولوجي غريباً معزولاً كلما تمكن من تغيير ما يلاحظه. مثل هذا التناول المادي يحد أيضاً البحث العلمي لأنه يجعل من الصعوبة أن نجد الأسئلة الأساسية المتعلقة بالمعطيات الملاحظة، مثل متى وأين وبواسطة من صنعت جرة، أو من هو شقيق الفخاري. بالمثل، يستحيل اختبار الأهمية الكلية للعلاقة المتبادلة بين المعرفتين الاستطرادية وغير الاستطرادية، واختبار السلوك المادي في إطار المحتوى الاجتماعي والأيديولوجي والثقافي.
على الباحث الاثنوأركيولوجي ألا يتفادى المسألة ويتلاعب بالأنثروبولوجيا كنشاط إضافي. في الوقت الذي يجلب فيه الباحث الاثنوأركيولوجي للأنثروبولوجيا خبرة ملاحظة السلوك ومنتجاته، يبقى هناك القليل من المشاكل البحثية التي ستكون مثل هذه الملاحظة كافية بالنسبة لها. على الباحث الاثنوأركيولوجي كذلك مواجهة مسائل كيفية اختبار ما يقوله ويفكر به ويفسره المخبرون.
أحد الإجراءات هو الذهاب إلى العمل الميداني باستبيان يعد مسبقاً باستشارة علماء اجتماع وغيرهم من ذوي الخبرة في تقنيات الاستبيان. مثل هذا المدخل كثيراً ما يشتمل على أسئلة تتطلب الإجابة بـ نعم / لا. في الوقت الذي قد تكون فيه أسئلة بحثية وثقافات يصلح فيها مثل هذا المدخل، فإن الكثير من المخاطر تظل قائمة. على سبيل المثال، في الكثير من البلدان قد يجيب المخبرون بـ نعم أو لا انطلاقاً من نبرة السؤال؛ قد يكون اهتمام المخبر الأساسي توفير إجابة مرضية أكثر من توفير الإجابة الصحيحة. مثل هذه المشاكل يمكن التغلب عليها بإدخال أسئلة ضابطة في الاستبيان. لكنه قد يصعب تقييم كل تحيزات العمر، والجنس، واللون وما إلى ذلك المذكورة أعلاه بمثل هذه التقنية غير المرنة.
في العديد من الحالات قد يجد المخبر الأسئلة غامضة أو غير واضحة. يصدق هذا بخاصة في حالة ثقافة غريبة حيث قد تكون هناك اختلافات كبيرة في المعنى قد لا تكون تمت ملاحظتها في قائمة المراجعة المعدة. يبدو أن نقطة ضعف تقنية الاستبيان هي أن الباحث لا يمكنه أن يتبع طريقاً جديداً. الطريقة الأفضل للباحث لاكتشاف المجهول هو أن يستمع ويتعلم.
مثال استخدمته في عملي الميداني بجبال النوبا يستحق التلميح له هنا. مع أن الباحث قد يلجأ إلى استخدام جهاز تسجيل صغير منقول، إلا أنه، أي الباحث، يكون موجوداً، ويتدخل في المسرح. وضعت جهاز التسجيل وسط مجموعة من الأفراد جلسوا يتحدثون مع بعضهم تحت ظل شجرة وارفة وتركته وغادرت. الناس الذين كنت أقوم بدراستهم كانوا قد اعتادوا على وجود جهاز التسجيل بينهم واستمروا في حديثهم وطقوسهم دون إعارة أهمية للجهاز. بالطبع هناك فوائد من أن تشارك وتصبح مقبولاً في وسط المجموعة المدروسة. الفهم سيأتي نتيجة الاتصال المستمر والأقوى، سيكون هناك وقت لتعلم بعض من اللغة، ويمكن تحييد عدم الثقة. خلال إقامة طويلة المدى تكون مصحوبة بالمشاركة، يمكن استخدام تنوع كبير من إجراءات التسجيل، وتسجيل أشرطة لمناقشات مباشرة، وأخذ ملاحظات وتسجيلات صوتية لجزئية من المناقشات المباشرة تكون فيها الأسئلة التي يطرحها الباحث تدفع بالمخبر على التركيز في موضوعات محددة، الملاحظة المباشرة والتسجيل.
بالطبع فإن درجة استخدام ملاحظة المشارك تعتمد إلى حد معتبر على طبيعة مشكلة البحث. أولئك من الباحثين المهتمين بأنماط الإقامة الإقليمية في علاقتها بالظواهر البيئية يولون اهتماماً أقل بالمعلومة المنطوقة مقارنة بأولئك المهتمين بمعنى الطقوس. على أية حال، فإنني أجد صعوبة في تخيل موضوعات يمكن استكمالها بدون الرجوع إلى تفسيرات الأفراد أنفسهم. سيكون نوعاً من التكبر الثقافي من قبل الباحث ألا يعير وزناً لتحليل المخبرين لأوضاعهم الخاصة. من المهم اختبار العلاقة بين الأسباب المنطوقة للأحداث وتعرف الغريب على العلاقات المتبادلة والمتداخلة.
من هنا فإن تقنية المقابلة تعتمد على الأسئلة البحثية التي يتم توجيهها، وكذلك تصميم جمع العينات. كم من القرى، والمناطق، والمنازل، والأواني الفخارية تتوجب دراستها، أمر يعتمد على جوانب السلوك التي يهتم بها المحلل ودرجة الموثوقية المطلوبة في الاستنتاجات. إذا كانت الأسئلة واضحة ومباشرة، مثل العلاقة بين حجم الإقامة ومدى طول البقاء فيها، هناك الكثير من المعادلات في نظرية جمع العينات يمكن تطبيقها بهدف تحديد عينة عشوائية. عادة ما تكون هناك العديد من الأسئلة والمتغيرات التي تحتاج إلى اختبار وستكون هناك حاجة إلى تقييم أكثر ذاتية لحجم العينة المطلوبة.
مشكلات أساسية في تصميم العينات تتعلق بالاختلافات بين تخريط موقع آثاري وآخر مأهول. في حالة الموقع المأهول تكون الأدوات الصنعية، بل حتى المنازل، في حالة حراك دائم، وقد تستحيل إمكانية، رغم أن ذلك يعتمد على الثقافة المعنية، إنتاج خريطة للموقع "مجمد" في لحظة بعينها. قد يكون الباحث الاثنوأركيولوجي مهتماً بهذا الحراك لكن تسجيله لن ينحصر في سرعة الحراك وتواتره، بل في التغير الذي يصيب الأدوات الصنعية، والفضلات من القرية، وإعادة استخدام المساكن وما إلى ذلك. "تعليم" (أي وضع لاصقة تحمل رقم التصنيف وما إلى ذلك) الأدوات الصنعية قد يصبح في العديد من الحالات غير عملي أو قد يعترض عليه المخبرون. حالياً لا يوجد سوى القليل من الموجهات المتوفرة يمكن تقديمها للباحث الاثنوأركيولوجي الذي يواجه مثل هذه المشاكل. الحل المعين سيعتمد على الأسئلة التي يتم طرحها والظروف التي ينفذ فيها العمل الميداني.
في كافة المجتمعات هناك تنوع كبير في النشاطات واستخدام الأدوات الصنعية باختلاف الزمن، والفصل من السنة. كما وقد تكون هناك تنوعات في فترات متباعدة ارتباطاً بالتغيرات البيئية و المناخية وبالأحداث التاريخية والسياسية الخارجية. قد يكون عالم الآثار مهتماً بصفة خاصة بتسجيل تلك السلاسل الواسعة للسلوك بحيث يكون التقرير الكتابي الناتج قابل للمقارنة مع النمط المركب الآثاري. زيارات طويلة ومتكررة للمنطقة المدروسة هي، بالتالي، ضرورة تتطلبها أهمية المشاركة وتعلم اللغات التي لا يمكن طباعة قواعد وقاموس لها. عملياً، قد يصل الباحث الاثنوأركيولوجي إلى منطقة الدراسة في وقت تكون فيه النساء منشغلات في العمل بالحقل بحيث لن يستطعن التحدث بأريحية وحيث لا يمكن ملاحظة الحرف والأدوات المنزلية. سيكون من الأفضل للباحث أن يقضي على الأقل عاماً بكامله في منطقة الدراسة.
يتطلب العمل في حقل الاثنوأركيولوجيا الاعتراف بتفرد مهامه. على الباحث في هذا المجال أن يكون أكثر من مجرد عالم أنثروبولوجيا وأكثر من مجرد عالم آثار. الاختلاف مع علم الآثار بين وجلي. هناك أيضاً اختلافات عن الأنثروبولوجيا. أولاً، هنالك اهتمام خاص بالثقافة المادية. في حين أن العالم المشيد مادياً، بما في ذلك كل شئ بدءاً من اللوحات الجميلة انتهاءً برماد المواقد، هو صنف واسع يصعب الوصول إلى تعميم بشأنه، فإن هناك بعض الجوانب مثل غموض المادة بمواجهة الرموز المنطوقة، والطبيعة غير الاستطرادية للكثير من التنظيم المادي، التي تسمح للثقافة المادية بأن تصبح معرفة بوصفها مجالاً متميزاً للتحليل (لاحقاً سنتناول هذا الموضوع باسترسال أكبر). ثانياً، تشمل الاثنوأركيولوجيا وتركز الاهتمام على السلوك اليومي الدنيوي، ليس فقط طقوس المجتمعات وأساطيرها. ثالثاً، كما سبقت الإشارة، فإن الباحث الاثنوأركيولوجي ينال تدريباً على ملاحظة السلوك الذي سيقوم من ثم بمقاربته بالمعلومة المكتوبة والمنطوقة. في كل ذلك تبقى الاثنوأركيولوجيا مجالاً متفرداً للبحث له مشاكله وقضاياه الخاصة. ومع أنه ضليع في تقنيات العمل الميداني الأنثروبولوجي، فإن على الباحث الاثنوأركيولوجي أن يكون مدركاً للمشاكل الإضافية، والتي حاولت أن ألمح إلى بعضها من خلال هذا العرض الموجز. فقط كلما تقدم العمل باتجاه استكمال الاثنوأركيولوجيا كلما أصبحنا أقرب إلى وضع نص كامل ومناسب للتقنيات الميدانية.
المصدر : أركامانى مجلة الآثار والأنثروبولوجيا الســـودانية | |
|