الباب الحادي والعشرون في تعبد الجن مع الإنس جماعة وفرادى
قال ابن أبي الدنيا حدثني محمد بن الحسين حدثنا عبد الرحمن ابن عمر والباهلي سمعت السري بن اسماعيل يذكر عن يزيد الرقاشي أن صفوان بن محرز المازني كان إذا قام إلى تهجده من الليل قام معه سكان داره من الجن فصلوا بصلاته واستمعوا لقراءته ، قال السري فقلت ليزيد وأنى علم قاله كان إذا قام سمع لهم ضجة فاستوحش لذلك فنودي لا تفزع يا عبد الله فإنا نحن إخوانك نقوم بقيامك للتهجد فنصلي بصلاتك قال فكأنه أنس بعد ذلك إلى حركتهم ، حدثني الحسين بن علي العجلي حدثنا أبو أسامة عن الأجلح عن أبي الزبير قال بينا عبد الله بن صفوان قريبا من البيت إذ أقبلت حية من باب العراق حتى طافت بالبيت سبعا ثم أتت الحجر فاستلمته فنظر إليها عبد الله بن صفوان فقال أيها الجان قد قضيت عمرتك وإنا نخاف عليك بعض صبياننا فانصرفي فخرجت راجعة من حيث جاءت
وروى سفيان الثورى عن عكرمة عن ابن عباس قال خرج رجل من خيبر فتبعه رجلان وأخر يتلوهما يقول ارجا حتى أدركهما فردهما ثم لحق الرجل فقال إن هذين شيطانان وشيطانان وإنى لم إزل بهما حتى رددتهما عنك فإذا اتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاقرئه السلام وأخبره أنا في جمع صدقاتنا ولو كانت تصلح له لبعثنا بها إليه فلما قدم الرجل المدينة أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره قال فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك عن الخلوة والله أعلم
الباب الثانى والعشرون فى ثواب الجن على أعمالهم
اختلف العلماء فى الجن هل لهم ثواب على قولين فقيل لا ثواب لهم إلا النجاة من النار ثم يقول لهم كونوا ترابا مثل البهائم وهو قول أبي حنيفة حكاه ابن حزم وغيره عنه قال ابن ابي الدنيا حدثنا داود ابن عمر والضبي حدثنا عفيف بن سالم عن سفيان الثورى عن ليث ابن أبي سليم قال ثواب الجن أن يجاروا من النار ثم يقال لهم كونوا ترابا
قال أبو حفص بن شاهين فى كتاب العجائب والغرائب حدثنا ابو القاسم البغوي حدثنا أبو الربيع الزهراني عن يعقوب العمى عن جعفر ابن ابي المغيرة عن أبي الزناد قال إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار قال الله تعالى لمؤمني الجن وسائر الأمم كونوا ترابا فحينئذ يقول الكافر “ يا ليتني كنت ترابا “ والقول الثاني إنهم يثابون على الطاعة ويعاقبون على المعصية وهو قول ابن أبي ليلى ومالك وذكر ذلك مذهبا للأوزاعي وأبي يوسف ومحمد ونقل على الشافعي وأحمد بن حنبل فقال نعم له ثواب وعليهم عقاب وهو قول اصحابهما وأصحاب مالك وسئل ابن عباس هل لهم ثواب وعليهم عقاب فقال نعم لهم ثواب وعليهم عقاب.
وقال ابن شاهين في غرائب السنن حدثنا عبد الله بن سليمان حدثنا محمد بن صدقة الجيلاني حدثنا أبي حدثنا أبو حياة وهو شريح ابن يزيد بن أرطأة بن المنذر قال سألت ضمرة بن حبيب بن صهيب الزبيدي هل للجن ثواب فقال نعم قال أرطأة ثم نزع ضمرة بهذا الآية “ لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان “ وقال ابن أبي حاتم في تفسيره حدثنا أبي حدثنا عيسى بن زياد ان يحيى بن الضريس قال سمعت يعقوب قال قال ابن أبي ليلى لهم ثواب يعني للجن فوجدنا تصديق قوله في كتاب الله تعالى “ ولكل درجات مما عملوا “ وقال ابن الصلاح في بعض تعاليقه حكى عن ابن عبد الحكم صاحبه محمد بن رمضان الزيات المالكي أنه سئل عن الجن هل لهم جزاء في الآخرة على أعمالهم فقال نعم والقرآن يدل على ذلك قال الله تعالى “ ولكل درجات مما عملوا “ وقال أبو الشيخ حدثنا ابو الوليد حدثنا هيثم عن حرملة قال سئل ابن وهب وانا اسمع هل للجن ثواب وعقاب قال ابن وهب قال الله تعالى “ حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس “ إلى قوله “ مما عملوا “ قال محمد بن رشد أبو الوليد القاضي في كتاب الجامعة للبيان والتحصيل قال اصبع وسمعت ابن القاسم يقول للجن الثواب والعقاب وتلا قول الله تعالى “ وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا “
قال ابن رشد استدلال ابن القاسم على ما ذكر من أن للجن الثواب والعقاب بما تلاه من قول الله تعالى استدلال صحيح بين لا إشكال فيه بل هو نص على ذلك والقاسطون في هذه الآية الحائدون عن الهدى المشركون بدليل قوله تعالى “ وأنا منا المسلمون “ ففي الجن مسلمون ويهود ونصارى ومجوس وعبدة أوثان قال بعض أهل التفسير في تفسير قوله تعالى “ وأنا منا الصالحون “ قال يريد المؤمنين ومنا دون ذلك قال يريد غير المؤمنين وقوله تعالى “ كنا طرائق قددا “ أي مختلفون في الكفر يهود ونصارى ومجوس وعبدة أوثان
وقال أبو الشيخ حدثنا جعفر بن أحمد بن فارس حدثنا حميد حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي سفيان عن مغيث بن سمي قال ما خلق الله تعالى من شيء إلا وهو يسمع زفير جهنم غدوة وعشية إلا الثقلين الذين عليهم الحساب والعقاب والله أعلم
الباب الثالث والعشرون في دخول كفار الجن النار
اتفق العلماء على أن كافر الجن معذب في الآخرة كما ذكر الله تعالى في كتابه العزيز كقوله تعالى “ فالنار مثوى لهم “ وقوله تعالى “ وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا “ والله أعلم
الباب الرابع والعشرون في دخول مؤمنيهم الجنة
اختلف العلماء في مؤمني الجن هل يدخلون الجنة على أربعة أقوال
احدها أنهم يدخلون الجنة وعليه جمهور العلماء وحكاه ابن حزم في الملل عن أبن أبي ليلى وأبي يوسف وجمهور الناس قال وبه نقول ثم اختلف القائلون بهذا القول إذا دخلوا الجنة هل يأكلون فيها ويشربون وساقه منذر بن سعد في تفسيره فقال حدثنا علي بن الحسن حدثنا عبد الله ابن الوليد العدني عن جويبر عن الضحاك فذكره
وقال ابن أبي الدنيا حدثنا أحمد بن بجير حدثنا عبد الله بن ضرار ابن عمر وحدثنا أبي عن مجاهد أنه سئل عن الجن المؤمنين أيدخلون الجنة قال يدخلونها ولكن لا يأكلون ولا يشربون يلهمون من التسبيح والتقديس ما يجده أهل الجنة من لذة الطعام والشراب وذهب الحارث المحاسبي إلى أن الجن الذين يدخلون الجنة يوم القيامة نراهم فيها ولا يروننا عكس ما كانوا عليه في الدنيا
القول الثاني أنهم لا يدخلونها بل يكونون في ربضها يراهم الإنس من حيث لا يرونهم وهذا القول مأثور عن مالك والشافعي وأحمد وأبي يوسف ومحمد حكاه ابن تيمية في جواب ابن مرى وهو خلاف ما حكاه ابن حزم عن أبي يوسف ، وقال أبو الشيخ حدثنا الوليد بن الحسن بن أحمد بن الليث حدثنا اسماعيل بن مهرام حدثنا المطلب بن زياد أظنه قال عن ليث بن أبي سليم قال مسلمو الجن لا يدخلون الجنة ولا النار وذلك أن الله تعالى أخرج أباهم من الجنة فلا يعيده ولا يعيد بنيه.
القول الثالث أنهم على الأعراف وفيه حديث مسند سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى
القول الرابع الوقف واحتج أهل القول الأول بوجوه
أحدها العمومات كقوله تعالى “ وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد “ وقوله تعالى “ وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين “ وقوله - صلى الله عليه وسلم - من شهد أن لا إله إلا الله خالصا دخل الجنة فكما أنهم يخاطبون بعمومات الوعيد بالإجماع فكذلك يكونون مخاطبين بعمومات الوعد بطريق الأولى ومن أظهر حجة في ذلك قوله تعالى “ ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأي آلاء ربكما تكذبان “ إلى آخر السورة والخطاب للجن والإنس فامتن عليهم سبحانه بجزاء الجنة ووصفها لهم وشوقهم إليها فدل ذلك على أنهم ينالون ما امتن عليهم به إذا آمنوا وقد جاء في حديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه لما تلا علهيم هذه السورة الجن كانوا أحسن ردا وجوابا منكم ما تلوت عليهم من آية إلا قالوا ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب رواه الترمذي
الوجه الثاني ما استدل به ابن حزم من قوله “ أعدت للمتقين “ وبقوله تعالى حاكيا عنهم ومصدقا لمن قال ذلك منهم “ وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به “ وقوله تعالى “ قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن “ وقوله تعالى “ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار “ إلى آخر السورة قال صفة تعم الجن والإنس عموما لا يجوز البتة أن يخص منها أحد النوعين ومن المحال الممتنع أن يكون الله تعالى يخبرنا بخبر عام وهو لا يريد إلا بعض ما أخبرنا به ثم لا يبين ذلك وهو ضد البيان الذي ضمنه الله تعالى لنا فكيف وقد نص على أنهم من جملة المؤمنين الذين يدخلون الجنة ولا بد.
الوجه الثالث روى منذر وابن أبي حاتم في تفسيريهما عن مبشر ابن اسماعيل قال تذاكرنا عند ضمرة بن حبيب أيدخل الجن الجنة قال نعم وتصديق ذ، لك في كتاب الله تعالى “ لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان “ للجنيات والإنس للإنسيات قال الجمهور فدل على تأتي الطمث من الجن لأن طمث الحور العين إنما يكون في الجنة.
الوجه الرابع قال أبو الشيخ حدثنا اسحاق بن أحمد حدثنا عبد الله بن عمران حدثنا معاوية حدثنا عبد الواحد بن عبيد عن الضحاك عن ابن عباس قال الخلق أربعة فخلق في الجنة كلهم وخلق في النار كلهم وخلقان في الجنة والنار فأما الذي في الجنة كلهم فالملائكة وأما الذي في النار كلهم فالشياطين وأما الذين في الجنة والنار فالإنس والجن لهم الثواب وعليهم العقاب.
الوجه الخامس إن العقل يقوى ذلك وإن لم يوجبه وذلك أن الله تعالى قد أوعد من كفر منهم وعصى النار فكيف لا يدخل من أطاع منهم الجنة وهو سبحانه وتعالى الحكم العدل الحليم الكريم فإن قيل قد أوعد الله تعالى من قال من الملائكة إنه إله من دونه ومع هذا ليسوا في الجنة فالجواب من وجوه
أحدها أن المراد بذلك إبليس لعنه الله قال ابن جريج في قوله تعالى “ ومن يقل منهم إني إله من دونه “ فلم يقله إلا إبليس لعنه الله دعا إلى عبادة نفسه فنزلت هذه الآية فيه يعني إبليس لعنه الله وقال قتادة هي خاصة بعدو الله إبليس لعنه الله لما قال ما قال لعنه الله وحوله شيطانا رجيما قال “ فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين “ حكى ذلك عنهما الطبري.
الوجه الثاني أن ذلك وإن سلمنا إرادة العموم منه فهذا لا يقع من الملائكة عليهم السلام بل هو شرط والشرط لا يلزم وقوعه وهو نظير قوله تعالى “ لئن أشركت ليحبطن عملك “ والجن يوجد منهم الكافر ويدخل النار.
الوجه الثالث أن الملائكة وإن كانوا لا يجازون بالجنة إلا أنهم يجازون بنعيم يناسبهم على أصح قولى العلماء واحتج أهل القول الثاني بقوله تعالى حكاية عن الجن أنهم قالوا لقومهم “ يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم “ قالوا فلم يذكر دخول الجنة فدل على أنهم لا يدخلونها لأن المقام مقام تبجح والجواب عن هذا من وجوه
أحدها أنه لا يلزم من سكوتهم أو عدم علمهم بدخول الجنة نقيه
الوجه الثاني إن الله أخبر أنهم ولوا إلى قومهم منذرين فالمقام مقام إنذار لا مقام بشارة
الوجه الثالث أن هذه العبارة لا تقتضي نفي دخول الجنة بدليل ما أخبر الله تعالى عن الرسل المتقدمة أنهم كانوا ينذرون قومهم العذاب ولا يذكرون لهم دخول الجنة كما أخبر عن نوح عليه السلام في قوله تعالى “ إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم “ وهود عليه الصلاة والسلام “ عذاب يوم عظيم “ وشعيب عليه الصلاة السلام “ عذاب يوم عظيم “ وكذلك غيرهم وقد أجمع المسلمون على أن مؤمنهم يدخل الجنة
الوجه الرابع إن ذلك يستلزم دخول الجنة لأن من غفر ذنبه وأجير من عذاب الله تعالى وهو مكلف بشرائع الرسل فإنه يدخل الجنة وقد ورد في القول الثالث حديث ساقه الحافظ أبو سعيد عن محمد
ابن عبد الرحمن الكنجرودي في أماليه فقال حدثنا أبو الفضل نصر بن محمد العطار نا أحمد بن الحسين بن الأزهر بمصر حدثنا يوسف بن يزيد القراطيسي حدثنا الوليد بن موسى حدثنا منبه عن عثمان عن عروة بن رويم عن الحسن عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إن مؤمني الجن لهم ثواب وعليهم عقاب فسألنا عن ثوابهم وعن مؤمنيهم فقال على الأعراف وليسوا في الجنة فقالوا ما الاعراف قال حائط الجنة تجري منه الأنهار وتنبت فيه الاشجار والثمار قال شيخنا الحافظ أبو عبدالله الذهبي تغمده الله تعالى برحمته هذا منكر جدا والله تعالى أعلم
الباب الخامس والعشرون في أن مؤمنيهم إذا دخلوا الجنة هل يرون الله تعالى أم لا
قد وقع في كلام ابن عبد السلام في القواعد الصغرى ما يدل على أن مؤمني الجن إذا دخلوا الجنة لا يرون الله تعالى وأن الرؤية مخصوصة بمؤمني البشر فإنه صرح بأن الملائكة لا يرون الله تعالى في الجنة ومقتضى هذا أن الجن لا يرونه فإنه صرح قال وقد أحسن الله تعالى إلى النبيين والمرسلين وأفاضل المؤمنين بالمعارف والأحوال والطاعات والإذعان ونعيم الجنان ورضا الرحمن والنظر إلى الديان مع سماع تسليمه وكلامه وتبشيره بتأيد الرضوان ولم يثبت للملائكة مثل ذلك ولا شك أن أجساد الملائكة أفضل من أجساد البشر وأما أرواحهم فإن كانت أعرف بالله تعالى وأكمل أحوالا بأحوال البشر فهم أفضل من البشر وإن استوت الأرواح في ذلك فقد فضلت الملائكة البشر بالأجساد فإن اجسادهم من نور وأجساد البشر من لحم ودم وفضل البشر الملائكة بما ذكرناه من نعيم الجنان وقرب الديان ورضاه وتسليمه وتقريبه والنظر إلى وجهه الكريم وإن فضلهم البشر في المعارف والأحوال والطاعات كانوا بذلك أفضل منهم وبما ذكرناه مما وعدوا به في الجنان ولا شك أن للبشر طاعات لم يثبت مثلها للملائكة كالجهاد والصبر ومجاهدة الهوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتبليغ الرسالات والصبر على البلايا والمحن والرزايا ومشاق العبادات لأجل الله تعالى وقد ثبت أنهم يرون ربهم ويسلم عليهم ويبشرهم بإحلال رضوانه عليهم أبدا ولم يثبت مثل هذا للملائكة عليهم الصلاة والسلام وإن كان الملائكة يسبحون الليل والنهار لا يفترون فرب عمل يسير أفضل من تسبيح كثير وكم من نائم أفضل من قائم وقد قال تعالى “ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية “ أي خير الخليقة والملائكة من الخليقة لا يقال الملائكة من الذين آمنوا وعملوا الصالحات لان هذا اللفظ مخصوص بمن آمن من البشر في عرف الشرع فلا تندرج فيه الملائكة لعرف الاستعمال فإن قيل الملائكة يرون ربهم كما تراه الأبرار قلت يمنع منه عموم عمومه في الملائكة الأبرار انتهى ما ذكره قلت والبشر اسم لبني آدم وكنية آدم عليه الصلاة والسلام أبو البشر كذا جاء مصرحا به في حديث الشفاعة في الصحيح قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيأتون آدم فيقولون يا آدم أنت أبو ا لبشر فإذا استثنى المؤمنون من عموم قوله تعالى “ لا تدركه الأبصار “ وبقي على عمومه في الملائكة على ما قرره ابن عبد السلام فحينئذ يبقى على عمومه في الجن والله أعلم
الباب السادس والعشرون في حكم الصلاة خلف الجني
نقل ابن أبي الصيرفي الحراني الحنبلي في فوائده عن شيخه أبي البقاء العكبري الحنبلي أنه سئل عن الجن هل تصح الصلاة خلفه فقال نعم لأنهم مكلفون والنبي - صلى الله عليه وسلم - مرسل إليهم والله أعلم
الباب السابع والعشرون في بيان انعقاد الجماعة بهم
قال الإمام أحمد حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن ابن اسحاق حدثني أبو عميس عتبة بن عبد الله بن عتبة عن أبي فزارة عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث المخزومي عن عبد الله بن مسعود قال بينا نحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة وهو في نفر من اصحابه اذ قال ليقم منكم معي رجلان ولا يقومن معي رجل في قلبه من الغش مثقال ذرة قال فقمت معه واخذت إداوة ولا أحسبها الا ماء فخرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كنا بأعلى مكة رأيت أسودة مجتمعة قال فخط لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطا ثم قال قم ههنا حتى آتيك قال فقمت ومضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم فرأيتهم يثورون إليه قال فسمر معهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلا طويلا حتى جاءني مع الفجر فقال ما زلت قائما يا ابن مسعود قال فقلت يا رسول الله أو لم تقل قم حتى آتيك قال ثم قال لي هل معك من وضوء قال فقلت نعم ففتحت الإداوة فإذا هو نبيذ فقال رسول الله ثمرة طيبة وماء طهور ثم قال توضأ منها فلما قام يصلي أدركه شخصان منهم فقالا له يا رسول الله إنا نحب أن تؤمنا في صلاتنا قال فصفهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلفه ثم صلى بنا ثم انصرف قلت له من هؤلاء يا رسول الله قال هؤلاء جن نصيبين جاءوني يختصمون إلي في أمور كانت بينهم وقد سألوني الزاد فزودتهم قال فقلت وهل هناك يا رسول الله من شيء تزودهم إياه قال فزودتهم الرجعة وما وجدوا من روث وجدوه شعيرا وما وجدوا من عظم وجدوه كاسيا قال وعند ذلك نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يستطاب بالروث والعظم.
وقال أحمد حدثنا عبد الرزاق أنبأنا سفيان عن أبي فزارة حدثنا أبو زيد عن ابن مسعود قال لما كان ليلة الجن تخلف منهم رجلان وقالا نشهد الفجر معك يا رسول الله فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - أمعك ماء قلت ليس معي ماء ولكن معي إداوة فيها نبيذ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ثمرة طيبة وماء طهور فتوضأ وفي رواية عبد الرزاق عن قيس بن الربيع عن أبي فزارة عن أبي زيد عن ابن مسعود فساق حديث الخط وقال في آخره ثمرة طيبة وماء طهور فتوضأ واقام الصلاة فلما قضى الصلاة قام إليه رجلان من الجن فسألاه المتاع فقال ألم آمر لكما ولقومكما بما يصلحكم قالوا بلى ولكن أحببنا ان يشهد بعضنا معك الصلاة فقال ممن أنتما قال لا من أهل نصيبين فقال أفلح هذان وأفلح قومهما وأمر لهما بالروث والعظام طعاما ولحما ونهى ان يستنجى بعظم أو روثة ، ورواه الثوري وإسرائيل وشريك والجراح بن مليح وأبو عميس كلهم عن أبي فزارة وقال أبو الفتح اليعمري وغير طريق أبي فزارة عن أبي زيد لهذا الحديث أقوى منها للجهالة الواقعة في أبي زيد ولكن أصل الحديث مشهور عن ابن مسعود من طرق حسان متضافرة يشد بعضها بعضا ويشهد بعضها لبعض ولم تنفرد طريق أبي زيد إلا فيها من التوضوء بنبيذ التمر وليس ذلك مقصودا الآن
وروى سفيان الثوري في تفسيره عن إسماعيل البجلي عن سعيد ابن جبير قال تعالى “ وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا “ قال قالت الجن للنبي - صلى الله عليه وسلم - كيف لنا بمسجدك أن نشهد الصلاة معك ونحن ناءون عنك فنزلت “ وأن المساجد لله “ وذكر ابن الصيرفي في نوادره انعقاد الجماعة بالجن والله تعالى أعلم
الباب الثامن والعشرون في حكم مرور شيطان الجن بين يدي المصلى
اختلفت الرواية عن أحمد بن حنبل فيما اذا مر جني بين يدي المصلى هل يقطع عليه صلاته ويستأنفها فروى عنه أنه يقطعها لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه وسلم حكم بقطع الصلاة بمرور الكلب الأسود فقيل له ما بال الأحمر من الأبيض من الأسود فقال الكلب الأسود شيطان الكلاب والجن تتصور بصورته كما تقدم والرواية الثانية لا يقطعها وهاتان الروايتان حكاهما ابن حامد وغيره وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - إن عفريتا من الجن تفلت علي البارحة ليقطع على الصلاة يحتمل أن يكون قطعها بمروره بين يديه ويحتمل أن يكون قطعها بأن يصدر من العفريت أفعال يحتاج إلى دفعها بأفعال تكون منافية للصلاة فتقطعها تلك الأفعال.
الباب التاسع والعشرون في بيان الحكم إذا قتل الإنسي جنيا
قال أبو الشيخ حدثنا أبو الطيب أحمد بن روح حدثنا محمد ابن عبد الله بن يزيد مولى قريش حدثنا عثمان بن عمر عن عبيد الله ابن أبي يزيد عن ابن أبي مليكة أن جانا كان لا يزال يطلع على عائشة رضي الله عنها فأمرت به فقتل فأتيت في المنام فقيل قتلت عبد الله المسلم فقالت لو كان مسلما لم يطلع على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقيل لها ما كان يطلع حتى تجمعي عليك ثيابك وما كان يجئ إلا ليستمع القرآن فلما أصبحت أمرت باثني عشر ألف درهم ففرقت في المساكين ورواه أبو بكر بن ابي شيبة في مصنفه فقال حدثنا عبد الله بن بكر السهمي عن جابر بن أبي مغيرة عن ابن أبي مليكة عن عائشة بنت صالحة عن عائشة رضي الله عنها نحوه وقال أبو بكر عبد الله بن محمد أخبرني أبي أنبأنا محمد بن جعفر حدثنا مسلم عن سعيد عن حبيب قال رأت عائشة رضي الله عنها حية في بيتها فأمرت بقتلها فقتلت فأتيت في تلك الليلة فقيل لها إنها من النفر الذين استمعوا الوحي من النبي - صلى الله عليه وسلم - فأرسلت إلى اليمن فابتيع لها أربعون رأسا فأعتقتهم.
فصل روى الترمذي والنسائي في اليوم والليلة من حديث صيفي مولى ابي السائب عن أبي سعيد رفعه أن بالمدينة نفرا من الجن قد اسلموا فإذا رأيتم من هذه الهوام شيئا فآذنوه ثلاثا فإن بدا لكم فاقتلوه ، وثبت في صحيح مسلم من حديث أبي السائب مولى هشام بن زهرة عن أبي سعيد كان فتى منا حديث عهد بعرس فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإنصاف النهار فيرجع إلى أهله فاستأذنه يوما فقال له خذ عليك سلاحك فإني أخشى عليك قريظة فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع فإذا امرأته بين البابين قائمة فأهوى إليها بالرمح لكي يطعنها فأصابته غيرة فقالت له اكفف عليك رمحك وادخل البيت حتى تنظر ما الذي اخرجني فدخل فإذا بحية عظيمة منصوبة على الفراش فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به ثم خرج فركزه في الدار فاضطربت عليه فما ندرى أيهما كان أسرع موتا الحية أم الفتى ، قال الشيخ أبو العباس قتل الجن بغير حق لا يجوز كما لا يجوز قتل الإنس بلا حق والظلم محرم في كل حال فلا يحل لأحد أن يظلم أحدا ولو كافرا قال تعالى “ ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى “ والجن يتصورون في صور شتى فإذا كانت حيات البيوت قد تكون جنيا فتؤذن ثلاثا فإن ذهبت فيها وإلا قتلت فإنها إن كانت حية أصلية فقد قتلت وإن كانت جنية فقد اصرت على العدوان بظهورها للإنس في صورة حية تفزعهم بذلك والعادي هو الصائل الذي يجوز دفعه بما يدفع ضرره ولو كان قتلا فأما قتلهم بدون سبب يبيح ذلك فلا يجوز والله تعالى أعلم
الباب الموفى ثلاثين في مناكحة الجن
قد قدمنا مناكحة الجن فيما بينهم وهذا الباب في بيان المناكحة بين الإنس والجن والكلام هنا في مقامين
أحدهما في بيان إمكان ذلك ووقوعه.
والثاني في بيان مشروعيته أما الأول فنقول نكاح الإنسي الجنية وعكسه ممكن قال الثعالبي زعموا أن التناكح والتلاقح قد يقعان بين الإنس والجن قال الله تعالى “ وشاركهم في الأموال والأولاد “ وقال - صلى الله عليه وسلم - إذا جامع الرجل امرأته ولم يسم انطوى الشيطان إلى أحليله فجامع معه ، وقال ابن عباس إذا أتى الرجل امرأته وهي حائض سبقه الشيطان إليها فحملت فجاءت بالمخنث فالمؤنثون أولاد الجن رواه الحافظ ابن جرير ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نكاح الجن وقول الفقهاء لا تجوز المناكحة بين الإنس والجن وكراهة من كرهه من التابعين دليل على إمكانه لأن غير الممكن لا يحكم عليه بجواز ولا بعدمه في الشرع فإن قيل الجن من عنصر النار والإنسان من العناصر الأربعة وعليه فعنصر النار يمنع من أن تكون النطفة الإنسانية في رحم الجنية لما فيها من الرطوبة فتضمحل ثمة لشدة الحرارة النيرانية ولو كان ذلك ممكنا لكان ظهر أثره في حل النكاح بينهم وهذا السؤال هو الذي أورد على المسألة الباعثة على تأليف هذا الكتاب والجواب من وجوه
الأول أنهم وإن خلقوا من نار فليسوا بباقين على عنصرهم النارى بل قد استحالوا عنه بالأكل والشرب والتوالد والتناسل كما استحال بنو آدم عن عنصرهم الترابي بذلك على أنا نقول إن الذي خلق من نار هو أبو الجن كما خلق آدم ابو الإنس من تراب واما كل واحد من الجن غير أبيهم فليس مخلوقا من النار كما أن كل واحد من بني آدم ليس مخلوقا من تراب وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه وجد برد لسان الشيطان الذي عرض له في صلاته على يده لما خنقه وفي رواية قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فما زلت أخنقه حتى برد لعابه فبرد لسان الشيطان ولعابه دليل على أنه انتقل عن العنصر الناري إذ لو كان باقيا على حاله فمن أين جاء البرد روقد بسطنا القول في انتقالهم من العنصر الناري في الباب الثالث الذي عقدناه في بيان ما خلقوا منه فلا حاجة بنا إلى إعادته وهذا المصروع يدخل بدنه الجني ويجري الشيطان من ابن آدم مجرى الدم فلو كان باقيا على حاله لأحرق المصروع ومن جرى منه مجرى الدم.
وقد سئل مالك بن أنس رضي الله عنه فقيل إن ههنا رجلا من الجن يخطب إلينا جارية يزعم أنه يريد الحلال فقال ما أرى بذلك بأسا في الدين ولكن أكره إذا وجدت امرأة حامل قيل لها من زوجك قالت من الجن فيكثر الفساد في الإسلام بذلك.
وهذا الذي ذكرناه عن الإمام مالك رضي الله عنه أورده أبو عثمان سعيد بن العباس الرازي في كتاب الإلهام والوسوسة في باب نكاح الجن فقال حدثنا مقاتل حدثني سعد بن داود الزبيدي قال كتب قوم من إلى مالك بن أنس رضي الله عنه يسألونه عن نكاح الجن وقالوا إن ههنا رجلا من الجن إلى آخره
الوجه الثاني إنا لو سلمنا عدم إمكان العلوق فلا يلزم من عدم إمكان العلوق عدم إمكان الوطء في نفس الأمر ولا يلزم من عدم إمكان العلوق أيضا عدم إمكان النكاح شرعا فإن الصغيرة والآيسة والمرأة العقيم لا يتصور منهن علوق والرجل العقيم لا يتصور منه إعلاق ومع هذا فالنكاح لهن مشروع فإن حكمة النكاح وإن كانت لتكثير النسل ومباهاة الأمم بكثرة الأمة فقد يتخلف ذلك.
الوجه الثالث قوله ولو كان ذلك ممكنا لكان ظهر أثره في حل النكاح هذا غير لازم فإن الشيء قد يكون ممكنا ويتخلف لمانع فإن المجوسيات والوثنيات العلوق فيهن ممكن ولا يحل نكاحهن وكذلك المحارم ومن يحرم من الرضاع والمانع في كل موضع بحسبه والمانع من جواز النكاح بين الإنس والجن عند من منعه إما اختلاف الجنس عند بعضهم أو عدم حصول المقصود على ما نبينه أو عدم حصول الإذن من الشرع في نكاحهم أما اختلاف الجنس فظاهر مع قطع النظر عن إمكان الوقاع وإمكان العلوق واما عدم حصول المقصود من النكاح فنقول إن الله امتن علينا بأن خلق لنا من أنفسنا أزواجا لنسكن إليها وجعل بيننا مودة ورحمة فقال تعالى “ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء “ وقال تعالى “ هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها “ وقال تعالى “ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون “ وقال تعالى “ فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا “ والجن ليسوا من أنفسنا فلم يجعل منهم أزواج لنا فلا يكونون لنا أزواجا لفوات المقصود من حل النكاح من بني آدم وهو سكون احد الزوجين إلى الآخر لأن الله تعالى أخبر أنه جعل لنا من أنفسنا أزواجا لنسكن إليها فالمانع الشرعي حينئذ من جواز النكاح
بين الإنس والجن عدم سكون أحد الزوجين إلى الآخر إلا أن يكون عن عشق وهوى متبع من الإنس والجن فيكون إقدام الإنسي على نكاح الجنية للخوف على نفسه وكذلك العكس إذ لو لم يقدموا على ذلك لآذوهم وربما أتلفوهم البتة ومع هذا فلا يزال الإنسي في قلق وعدم طمأنينة وهذا يعود على مقصود النكاح بالنقض وأخبر الله تعالى أنه جعل بين الزوجين مودة ورحمة وهذا منتف بين الإنس والجن لأن العداوة بين الإنس والجن لا تزول بدليل قوله تعالى “ وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو “ وقوله - صلى الله عليه وسلم - في الطاعون وخز أعدائكم من الجن ولأن الجن خلقوا من نار السموم فهم تابعون لأصلهم وفي الصحيحين من حديث أبي موسى قال احترق بيت في المدينة على أهله بالليل فحدث النبي - صلى الله عليه وسلم - بشأنهم فقال إن هذه النار إنما هي عدو لكم فإذا نمتم فاطفئوها عنكم فإذا كانت النار عدوا لنا فما خلق منها فهو تابع لها في العداوة لنا لأن الشيء يتبع أصله فإذا انتفى المقصود من النكاح وهو سكون أحد الزوجين إلى الآخر وحصول المودة والرحمة بينهما انتفى ما هو وسيلة اليه وهو جواز النكاح وأما عدم حصول الإذن من الشرع في نكاحهم فإن الله تعالى يقول “ فانكحوا ما طاب لكم من النساء “ والنساء اسم للإناث من بنات آدم خاصة والرجال إنما أطلق على الجن لأجل مقابلة اللفظ في قوله تعالى “ وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن “ وقال تعالى “ قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم “ وقال تعالى “ إلا على أزواجهم “ فأزواج بني آدم من الأزواج المخلوقات لهم من أنفسهم المأذون في نكاحهن وما عداهن فليسوا لنا بأزواج ولا مأذون لنا في نكاحهن والله أعلم هذا ما تيسر لي في الجواب وفتح الله علي به وبالله التوفيق
فصل :وأما وقوع ذلك فقال أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب اتباع السنن والأخبار حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا أبو الأزهر حدثنا الأعمش حدثني شيخ من نجيل قال علق رجل من الجن جارية لنا ثم خطبها إلينا وقال إني أكره أن أنال منها محرما فزوجناها منه قال فظهر معنا يحدثنا فقلنا ما أنتم فقال أمم أمثالكم وفينا قبائل كقبائلكم قلنا فهل فيكم هذه الأهواء قال نعم فينا من كل الأهواء القدرية والشيعة والمرجئة قلنا من أيها أنت قال من المرجئة
وقال أحمد بن سليمان النجاد في أماليه حدثنا علي بن الحسن بن سليمان ابي الشعناء الحضرمي أحد شيوخ مسلم حدثنا أبو معاوية سمعت الاعمش يقول تزوج إلينا جني فقلت له ما أحب الطعام إليكم فقال الأرز قال فأتيناه به فجعلت أرى اللقم ترفع ولا أرى أحدا فقلت فيكم من هذه الأهواء التي فينا قال نعم قلت فما الرافضة فيكم قال شرنا قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي تغمده الله برحمته هذا إسناد صحيح إلى الأعمش وقال ابو بكر الخرائطي حدثنا ابو بكر أحمد بن منصور الرمادي حدثنا داود الصفدي حدثنا ابو معاوية الضرير عن الأعمش قال شهدت نكاحا للجن بكوني قال وتزوج رجل منهم إلى الجن فقيل لهم أي الطعام أحب إليكم قالوا الأرز قال الأعمش فجعلوا يأتون بالجفان فيها الأرز فيذهب ولا نرى الأيدي ورواه أيضا أبو بكر محمد بن أحمد ابن أبي شيبة في كتاب القلائد له فقال حدثنا أمية سمعت أبا سليمان الجوزجاني حدثنا أبو معاوية عن الأعمش بنحوه وقال بكر بن ابي الدنيا حدثني عبد الرحمن حدثنا عمر حدثنا ابو يوسف السروجي قال جاءت امرأة إلى رجل بالمدينة فقالت إنا نزلنا قريبا منكم فتزوجني قال فتزوجها
ثم جاءت إليه فقالت قد حان رحلينا فطلقني فكانت تأتيه بالليل في هيئة امرأة قال فبينا هو في بعض طرق المدينة إذ رآها تلتقط حبا مما يسقط من أصحاب الحب قال أفتبتغينه فوضعت يدها على رأسها ثم رفعت عينها إليه فقالت له باي عين رأيتني قال بهذه فأومأت بأصبعها فسالت عينه وحدثنا القاضي جلال الدين أحمد بن القاضي حسام الدين الرازي الحنفي تغمده الله برحمته قال سفر والدي لإحضار أهله من الشرق فلا جزت البيرة ألجأنا المطر إلى أن نمنا في مغارة وكنت في جماعة فبينا أنا نائم إذا أنا بشيء يوقظني فانتبهت فإذا بامرأة وسط في النساء لها عين واحدة مشقوقة بالطول فارتعبت فقالت ما عليك من بأس إنما أتيتك لتتزوج ابنة لي كالقمر فقلت لخوفي منها على خيرة الله تعالى ثم نظرت فإذا برجال قد أقبلوا فنظرتهم فإذا هم كهيئة المرأة التي أتتني عيونهم كلها مشقوقة بالطول في هيئة قاض وشهود فخطب القاضي وعقد فقبلت ثم نهضوا وعادت المرأة ومعها جارية حسناء إلا أن عينها مثل عين أمها وتركتها عندي وانصرفت فزاد خوفي واستيحاشي وبقيت أرمى من كان عندي بالحجارة حتى يستيقظوا فما انتبه منهم أحد فاقبلت على الدعاء والتضرع ثم آن الرحيل فرحلنا وتلك الشابة لا تفارقني فدمت على هذا ثلاثة أيام فلما كان اليوم الرابع أتتني المرأة وقالت كأن هذه الشابة ما أعجبتك وكأنك تحب فراقها فقلت أي والله قالت فطلقها فطلقتها فانصرفت ثم لم أرهما بعد.
وهذه الحكاية كانت تذكر عن القاضي جلال الدين فحكيتها للقاضي الإمام العلامة شهاب الدين أبي العباس أحمد بن فضل الله العمري تغمده الله برحمته فقال أنت سمعتها من القاضي جلال الدين فقلت لا فقال أريد أن أسمعها منه فمضينا إليه وكنت أنا السائل له عنها فحكاها كما ذكرتها إلى آخرها فسألت القاضي شهاب الدين هل أفضى إليها فزعم أن لا وقد ألحق القاضي شهاب الدين هذه الحكاية في ترجمة القاضي جلال الدين في كتاب مسالك الأبصار بخطه على حاشية الكتاب.
هل كان ابوا بلقيس من الجن وقد قيل إن أحد أبوي بلقيس كان جنيا قال الكلبي كان أبوها من عظماء الملوك وولده ملوك اليمن كلها وكان يقول ليس في ملوك الأطراف من يدانيني فتزوج امرأة من الجن يقال لها ريحانة بنت السكن فولدت له بلقيس وتسمى بلقمة ويقال إن مؤخر قدميها كان مثل حافر الدابة ولذلك اتخذ سليمان عليه السلام الصرح الممرد من قوارير وكان بيتا من زجاج يخيل للرائي أنه يضطرب فلما رأته كشفت عن ساقيها فلم ير غير شعر خفيف ولذك أمر بإحضار عرشها ليختبر عقلها به ثم أسلمت وعزم سليمان على تزويجها فأمر الشياطين فاتخذوا الحمام والنورة وهو أول من اتخذ الحمام والنورة وطلوا بالنورة ساقيها فصار كالفضة فتزوجها وأرادت منه ردها إلى ملكها ففعل ذلك وأمر الشياطين فبنوا لها باليمن الحصون التى لم ير مثلها وهى غمدان ونينوى وغيرهما وأبقاها على ملكها وكان يزورها في كل شهر مرة على البساط والريح وبقى ملكها إلى أن مات فزال بموته قال أبو منصور الثعالبي في فقه اللغة ويقال للمتولد بين الإنسى والجنية الخس وللمتولد بين الآدمى والسعلاة العملوق
فصل وأما المقام الثانى أهو مشروع أم لا فقد روى عن النبى - صلى الله عليه وسلم - النهى عنه وروى عن جماعة من التابعين كراهته قال حرب الكرمانى في مسائله عن أحمد وإسحاق حدثنا محمد بن يحيى القطيعى حدثنا بشر بن عمر حدثنا ابن لهيعة عن يونس بن يزيد عن الزهرى قال نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نكاح الجن وهو مرسل وفيه ابن لهيعة.
حدثنا معاوية عن الحجاج عن الحكم أنه كره نكاح الجن حدثنا إبراهيم بن عروة حدثنى سليمان بن قتيبة حدثني عقبة الرومانى قال سألت قتادة عن تزويج الجن فكرهه وسألت الحسن عن تزويج الجن فكرهه وقال أبو بكر بن محمد القرشي حدثنا بشر بن يسار عن عبد الله حدثنا أبو الجنيد الضرير حدثنا عقبة بن عبد الله أن رجلا أتى الحسن ابن الحسن البصري فقال يا ابا سعيد أن رجلا من الجن يخطب فتاتنا فقال الحسن لا تزوجوه ولا تكرموه فاتى قتادة فقال يا ابا الخطاب إن رجلا من الجن يخطب فتاة لنا فقال لا تزوجوه ولكن إذا جاء فقولوا إنا نخرج عليك إن كنت مسلما لما انصرفت عنا ولم تؤذنا فلما كان من الليل جاء الجني حتى قام على الباب فقال أتيتم الحسن فسألتموه فقال لكم لا تزوجوه ولا تكرموه ثم أتيتم قتادة فسألتموه فقال لا تزوجوه ولكن قولوا له أنا نخرج عليك إن كنت رجلا مسلما لما انصرفت عنا ولم تؤذنا فقالوا له ذلك فانصرف عنهم ولم يؤذهم وقال ابو عثمان سعيد ابن العباس الرازي في كتاب الإلهام والوسوسة باب في نكاح الجن فساق ما ذكرناه عن مالك ثم قال حدثنا أبو بشر بكر بن خلف حدثنا أبو عاصم عن سفيان الثوري عن الحجاج بن أرطاة عن الحكم أنه كان يكره نكاح الجن ورواه أبو حماد الحنفي عن الحجاج بن أرطاة عن الحكم ابن عتيبة أنه كره نكاح الجن وقال حرب قلت لإسحاق رجل ركب البحر فكسر به فتزوج جنية قال مناكحة الجن مكروهة وقال ابن أبي الدنيا حدثنا الفضل بن اسحاق حدثنا ابو قتيبة عن عقبة الاصم وقتادة وسئلا عن تزويج الجن فكرهاه قال وقال الحسن خرجوا عليه نخرج عليك أن تسمعنا صوتك أو ترينا خلقك ففعلوا فذهب.
وقال الشيخ جمال الدين السجستاني من أئمة الحنفية في كتاب منية المفتي عازيا له إلى الفتاوي السراحية لا تجوز المناكحة بين الإنس والجن وإنسان الماء لاختلاف الجنس وذكر الشيخ نجم الدين الزاهدي في قنية المنية سئل الحسن البصري عن التزويج بجنية فقال يجوز بشهود رجلين حم وعك لا يجوز بغيرهما قال يصفع السائل لحماقته قلت حم رمز أبي حامد وعك رمز عين الأئمة الكرابيسي وهذا الذي ذكره الشيخ جمال الدين السجستاني من أنه لا يجوز المناكحة بين الإنس والجن وإنسان الماء دليل على إمكان ذلك.
وقد روى أبو عبد الرحمن الهروي في كتاب العجائب ما يدل على إمكان ذلك ووقوعه فقال حدثنا أبو بشر عبد الرحمن بن كعب ابن البداح بن سهل بن محمد بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك الأنصاري حدثني ابن عمي عقبة بن الزبير بن خارجة بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري عن بعض أشياخه ممن يثق به أنه رأى رجلا معه ابن له فنهره ذات يوم وذكر والدته فقال له الشيخ لا تفعل فإني أحدثك سبب هذا وسبب والدته فذكر أنه ركب البحر فكسر به وسلم على لوح فأقام بجزيرة حينا يأكل من ثمرها ويأوي إلى شجرة من اشجارها فبينا هو ذات ليلة إذ خرج من البحر حوار مع كل واحدة درة ترمى بها ثم تعدو في إثرها وضوئها حتى تأخذها ولهن غنغنة كأمثال الخطاطيف قال فتحرك منه ما يتحرك من الرجال وهش إليهن فتعرف أمورهن وآخرهن ليلة وثانية ثم نزل فقعد في أصل شجرة حيث لا يرونه فلما خرجن غدا في إثرهن فتعلق بشعر واحدة منهن وكان شعرها يجللها فجاء بها يقودها حتى شدها بأصل الشجرة ثم وطئها فحملت منه بهذا الغلام فلم يزل يعذبها حتى أرضعته سنة ثم هم بحلها فكره ذلك وقال حتى يبلغ الفطام ويأكل وهي في خلال ذلك تحمل الغلام فرحا به إلا أنها لا تتكلم فرحا أنها قد ألفته وأنها لا تبرح فحلها فاستغفلته وخرجت تعدو حتى القت نفسها في البحر وبقي الصبي في يديه فلم يكن باسرع من أن مر به مركب فلوح له ففر به وخرج إلى بلاده فهذه قصة هذا الغلام قال الشيخ جمال الدين عبد الرحيم بن الحسن بن علي الإسنوي الشافعي المصري في جملة مسائله التي سأل عنها قاضي القضاة شرف الدين أبا القاسم هبة الله بن عبد الرحيم بن البارزي مسألة هل يجوز الزواج من الجن عند الإرادة أم يمنع بينه وبين ذلك إذا أراد أن يتزوج امرأة من الجن عند فرض إمكانه فهل يجوز ذلك أم يمتنع فإن الله تعالى قال “ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها “ البارزي بأن جعل ذلك من جنس ما يؤلف فإن جوزنا ذلك وهو المذكور في شرح الوجيز المعزي إلى ابن يونس فتتفرع منه أشياء منها أنه هل يجبرها على ملازمة المسكن أم لا وهل له منعها من التشكل في غير صورة الآدميين عند القدرة عليه لانه قد تحصل النفرة أم لا وهل يعتمد عليها فيما يتعلق بشروط صحة النكاح من أمر وليها وخلوها عن الموانع أم لا وهل يجوز قبول ذلك من قاضيهم أم لا وهل إذا رآها في صورة غير التي يألفها وادعت أنه هي هل يعتمد عليها ويجوز له وطؤها أم لا وهل يكلف الإتيان بما يألفونه من قوتهم كالعظم وغيره إذا أمكن الاقتيات بغيره أم لا؟.
الجواب على السائل لا يجوز له أن يتزوج من الجن امرأة لعموم الآيتين الكريمتين قوله تعالى في سورة النحل “ والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا “ وفي سورة الروم “ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا “ قال المفسرون في معنى الآيتين “ جعل لكم من أنفسكم “ أي من جنسكم ونوعكم وعلى خلقكم كما قال تعالى “ لقد جاءكم رسول من أنفسكم “ أي من الآدميين ولأن اللائي يحل نكاحهن بنات العمومة وبنات الخئولة فدخل في ذلك من هي في نهاية البعد كما هو المفهوم من آية الأحزاب في قوله “ وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك “ والمحرمات غيرهن وهن الأصول والفروع وفروع أول الاصول وأول فرع من باقي الأصول كما في آية التحريم في النساء فهذا كله في النسب وليس بين الآدميين والجن نسب وأما الجن فيجب الإيمان بوجودهم وقد صح أنهم يأكلون ويشربون ويتناكحون وقيل إن أم بلقيس كانت من الجن وقيل إنهم يشاركون الرجل في المجامعة إذا لم يذكر اسم الله تعالى وينزل في المرأة وهو المراد من قوله تعالى “ وشاركهم في الأموال والأولاد “ وهو المفهوم من قوله تعالى “ لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان “
وفي الحديث من سنن ابي داود من حديث عبد الله بن مسعود أنه قدم وفد الجن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا يا محمد إنه أمتك أن يستنجوا بعظم أو روث أو حممة فإن الله تعالى جاعل لنا فيها رزقا وفي صحيح مسلم فقال كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما وكل بعرة علف لدوابكم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم من الجن وفي البخاري من حديث أبي هريرة قال فقلت ما بال العظم والروث قال هما طعام الجن وأنه أتاني وفد جن نصيبين ونعم الجن فسألوني الزاد فدعوت الله تعالى أن لا يمروا بعظم ولا روثة إلا وجدوا عليها طعاما.
قلت والظاهر عن الأعمش جوازه لأنا قدمنا عنه أنه حصر نكاحا للجن بكوثى قال وتزوج رجل منهم إلى الجن وقوله فيما صح عنه تزوج إلينا جني فسألته إلى آخره دليل على أنه كان جائزا عنده إذ لو كان حراما لما حضره وقد روى عن زيد العمى أنه قال اللهم ارزقني جنية أتزوجها قيل له يا أبا الحواري وما تصنع بها قال تصحبني في اسفاري حيث كنت كانت معي رواه حرب عن اسحاق اخبرني محرز شيخ من اهل مروثقة قال سمعت زيد العمي يقول فذكره وقد قدمنا أن ظاهر قول مالك بن أنس رضي الله عنه ما أرى بذلك بأسا في الدين يدل على جوازه عنده وإنما كرهه لمعنى آخر هو منتف في العكس والله أعلم
الباب الحادي والثلاثون في بيان تعرض الجن لنساء الإنس
قال عبد الله بن محمد القرشي حدثنا عبد العزيز بن معاوية القرشي حدثنا ابو عامر الضرير حدثنا حماد بن سلمة عن داود بن هند عن سماك ابن حرب عن جرير بن عبد الله قال إني لأسير بتستر في طريق من طرقها وقت الذي فتحت إذ قلت لا حول ولا قوة إلا بالله قال فسمعني هربذ من أولئك الهرابذة فقال ما سمعت هذا الكلام من أحد منذ سمعته من السماء قال قلت فكيف ذلك قال إني كنت رجلا أفد على الملوك أفد على كسرى وقيصر فوفدت عاما على كسرى فخلفني في أهلي شيطان يكون على صورتي فلما قدمت لم يهش أهلي كما يهش أهل الغائب إلى غائبهم فقلت ما شأنكم فقالوا إنك لم تغب قال قلت وكيف ذلك قال فظهر لي فقال اختر أن يكون لك منها يوم ولي يوم قال فأتاني يوما فقال إنه ممن يسترق السمع وإن استراق السمع بيننا نوب وأن نوبتي الليلة فهل لك أن تجئ معنا قلت نعم فلما أمسى أتاني فحملني على ظهره فإذا له معرفة كمعرفة الخنزير فقال لي استمسك فإنك ترى أمورا وأهوالا فلا تفارقني فتهلك قال ثم عرجوا حتى لحقوا بالسماء قال فسمعت قائلا يقول لا حول ولا قوة إلا بالله ما شاء الله كان وما شاء لم يكن قال فلحق بهم فوقعوا من وراء العمران في غياض وشجر قال فحفظت الكلمات فلما أصبحت أتيت أهلي وكان إذا جاء قلتهن فنضطرب حتى يخرج من كوة البيت فلم أزل أقولهن حتى انقطع عني .
حدثنا الحسن بن جهور حدثني ابن ابي إلياس حدثني أبي عباد بن اسحاق عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن سعد بن أبي وقاص قال بينا أنا بفناء داري إذ جاءني رسول زوجتي فقال أجب فلانة فاستنكرت ذلك فدخلت فقلت مه فقالت إن هذه الحية وأشارت إليها كنت أراها بالبادية إذا خلوت ثم مكثت لا أراها حتى رأيتها الآن وهي هي أعرفها بعينها قال فخطب سعد خطبة حمد الله وأثنى عليه ثم قال إنك قد آذيتني وإني أقسم لك بالله إن رأيتك بعد هذا لأقتلنك فخرجت الحية فانسابت من البيت ثم من باب الدار وأرسل سعد معها إنسانا فقال انظر أين تذهب فتبعها حتى جاءت المسجد ثم جاءت منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرقت فيه مصعدة إلى السماء حتى غابت وفي الباب عدة أخبار مفرقة في الأبواب الآتية حسبما اقتضاه التبويب كزيادة في كل خبر وبالله التوفيق